باقي شهرين وبانصوم البلاد كله
غير مبالٍ بلسعات الحرارة ولا بطول الترحال.. جوال محلي لا يهدأ وسائح يمني سارح البال شارد العقل، فقد كل معاني المواطنة في وطن ضاع فيه الأمن وضاعت فيه الحقوق.. حامل الأثقال هذا الذي في الصورة بعد عمر مديد من البؤس لم يتبق له في هذا الوطن سوى هذه الشوالة رفيقة ظهره الذي أحدودب من كثرة التجوال في شوارع عدن في حياة سفر إلى المجهول لا تعرف الاستكانة، إلا في ساعات قليلة من بعض الليالي التي يستلقي فيها على شوالته هذه التي أصبحت كل شيء في حياته، فهي السكن والدولاب والتاريخ والذكريات والوطن، ولم يعد يتمتم إلاّ خليجي عشرين واجي وياجيعان انتظر خليجي عشرين بحذاء واحد يذرع الشوارع ويبرطع الآرض بحثاً عن عدالة ضاعت في
دهاليزها أرضه وبسببها فقد عقله،
ولأنه من عالم المنسيين والجيوب العطل لم يستطع الاستئناف،
وقبل بالهزيمة إلى حين، وربما هذا الحين لن يلحق ضيفنا
الذي حاورناه على قارعة طريق وعلى الماشي بحوار
يؤكد ياما في الدنيا من مظاليم..
حاوره : أمين عبد الله راجح
ما لك مطنن؟
– روح بعد حالك .. ما تشتي مني
< أريد أعمل معك مقابلة؟
– لما أطلع رئيس جمهورية
< اعتبر نفسك رئيس جمهورية؟
– أقللك روح بعد حالك وبطل جنان..
< قللي كيف حالك وأنا باروح بعد حالي؟
– أنت كيف تشوف؟! (البس نظارة وشوف رب الناس).
< أنا أشوفك عاقل؟
– وأنا عاقل وأنتم بعدي وأنا مجنون وأنتم بعدي .. أيش تشتي مني.
< أشتي أعرف بماذا كنت تفكر قبل قليل؟
– كنت أفكر بمخلوقات الله..
< ما هي تلك المخلوقات التي شغلت بالك؟
– المطر والسيل يجزع جنب بيوت السرق ولا يكلمها..
< طيب ممكن تعرفنا باسمك؟
– ما في واحد ما يعرفنا .. حتى الإنس والجن يعرفونا.. اسأل أي واحد عن حمود وهو شقول لك.
< ما هي المشكلة التي وصلتك إلى هذه الحالة يا حمود؟
– الأرض .. أخذوا أرضي.
< من أخذ أرضك؟
– أولاد الحرام.
< لماذا لم تلجأ إلى القضاء؟
– أنا ما جنن بي إلا القضاء والقضاة.
< كيف كانت القضية؟
– أول بسطوا وبعدها زوروا وفي الأخير طلعوا الحكم لصالحهم.
< في محكمة استئناف؟
– الجيب خالي، والبرطعة وأنا حافي خلتنا أفقد أعصابي.
< ألا توجد معك صورة من البصيرة الأصل؟
– معي صورة باشا وبنت وأبو ولد. (يقلب أوراق البطة في يده).
يصرخ : "اخرج من هذا الموضوع"
< الآن عرفت القصة يا حمود .. أنت ضحية المحاكم؟!
– ما ناش لوحدي وغيري كثير.
< وكلنا وأنا بأرجع لك أرضك؟
– أنا وكلت الواحد الجبار.
< هل معاك أولاد يا حمود؟
– أنا عقيم ماعندي أولاد.
< وأين زوجتك؟
– أنا لا معي لا حرمة ولا برمة.
< أنت قلت إنك عقيم؟
– البعرة تدل على البعير.
< طيب قللي من أين أنت؟
– أنا من البلاد.
< كلنا من البلاد.. بس ما هو اسم قريتك؟
– اسمها جحر الحمار الداخلي.
< طيب ماذا تعمل بالمسطرة والدفتر والقلم؟
– أخطط مدينة سكنية.
< أكيد للمسئولين والوزراء وأصحاب الزلط؟
– لا .. للمجانين .
< وهل أكملت المخطط؟
– أكملته نظرياً .. هو أصلاً فاشل.
< ممكن أطلع عليه؟
– أنت متعلم تشتي تسرق حقي الاختراع.
< أوعدك أننا سأطلع عليه فقط؟
– من فين المعرفة .. أنت جازع طريق..
< اعتبرنا من اليوم صديقك؟
– أول روح طلب لمسجدك مؤذن.. وبعدين الصداقة.
< أنا ما في معي مسجد؟
– أنت معاك مسجد بالشعبة .. الأرض كلها مسجد.
< وأرضك لو عادت ماذا ستعمل بها؟
– باعملها بحر للصيادين.
< البحر يشتي ماء؟
– با نستورد من الصين..
< هذا كلام مجانين؟
– وأنت لو عاقل ليش تجلس جمبي..
< على شان تصحو من الجنان؟
– يا صحيتنا يا جننتوا بك..
< بصراحة الوضع الحالي يجنن بأكبر عاقل وإلا أنت لك رأي آخر؟
– أنا رأيي في تعجيل الفطر وتأخير السحور.
< باقي ستة شهور لرمضان؟
– باقي شهرين وبانصوم البلاد كله.
< على أي مذهب الصوم عندك؟
– على مذهب أبرهة الحبشي.
< وأنت ما دخلك بأبرهة الحبشي؟
– شمت وعزر وخلط البلاد خلط..
< أبرهة أحتل البلاد وخرج زمان؟
– بس الدمار حقه مستمر إلى يوم القيامة.. كان كل يوم يصطبح بفتاة عذراء ويتعشى على فتاة عذراء..
< أيش تقصد؟
– الذرية حقه مساكين .. أشتي أخطط لهم وللمجانين مدينة سكنية بالفضاء ولا قدرت..
< خطط لهم مدينة سكنية على الأرض؟
– الأرض حق الدولة والمسئولين.. نحن ما نشتي نأخذ أرض حرام..
< هل تقرأ الصحف يا حمود؟
– أنا أقرأ الصور.
< هل تسمع بمصطلح "الحراك الجنوبي"؟
– أنا سمعت بمصطلح الدندنة والصوملة.
< ماذا تتوقع إذا وصلت البلاد إلى صوملة حقيقية؟
– المجانين بايعقلوا والعقلاء بايجننوا.
< هل أنت مع الحراك الجنوبي؟
– أنا لما آكل رز أجري وأحرك معدتي.. (الأكل مع السير يجيب الشهية).
< يقولون القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود؟
– كل أسود .. وكل أبيض ..
< يقولون "إذا لم تكن معي فأنت ضدي"؟
– أنا حالي وحال نفسي .. أنا ما قبلوناش لا أصحاب الجبل ولا أصحاب الوادي.
< أكيد أنت دحباشي؟
– أنا نمر من عرض الضاحة، وكلهم يبركوا تحت رجلي..
< بصراحة هل أنت مع أصحاب الجبل أم مع أصحاب الوادي؟
– أنا مع الخط الدائري .. أمشي مع الضبح للعشي..
< ولماذا تمشي بجزمة واحدة؟
– ما في معي استيبني.
< ما رأيك بالجبن والجبناء؟
– أنا أحب الجبن العوشقي حق الضباب.
< هل أثرت عليك الأزمة الاقتصادية العالمية؟
– أثرت علي الحالة النفسية ونقل القات إلى عصيفرة.
< ألا تخاف من الكلاب المسعورة بالشارع؟
– أنا والكلاب أصدقاء..
< أيهما أفضل عندك المدينة أم القرية؟
– بالمدينة تشرب الماء وحنب بالحلق واتبخر من العيون لأنه بفلوس..
< لو معاك مليار دولار ماذا ستفعل بها؟
– بأعطيها لإسرائيل .. باخرجها لهم البحر على شان ما يحاربوا المسلمين لأنهم مصاصين دماء..
< ما رأيك بالشعب اليمني؟
– جوعته الحكومة فقط والبلاد بخير.
< ما رأيك بحكومة مجور؟
– المليحة تُعرف من درمه والسطر يُقرأ من الخلف.
< هل أنت مسجل بالضمان الاجتماعي؟
– أنا الضمان حقي جنان بسبب الشريعة.
< هل تحصل سب ومضايقة في الشارع؟
– الذين يسبوا الفقراء والمساكين …
< وأنت من تصدق؟
– أصدق نفسي ، بطل يكتب هدرة من شان حق الغداء وروح بعد حالك..